باب شرقي: أقدم بوابات دمشق وشاهد على أقدم شوارع العالم
في قلب دمشق القديمة، حيث تنساب الحكايات من بين حجارة الأزقة، يبرز باب شرقي كأقدم أبواب المدينة السبعة، وواحد من أندر المعالم التاريخية التي لا تزال تحتفظ بشكلها الروماني الأصلي حتى يومنا هذا.
هذا الباب الحجري العظيم لم يكن مجرد مدخل للمدينة، بل هو بوابة عبر الزمن، تنقلك إلى أعماق الحضارات الرومانية والبيزنطية والإسلامية، وتفتح أمامك الطريق نحو أقدم شارع مأهول في العالم: الشارع المستقيم.

أين يقع باب شرقي
يقع الباب في الجهة الشرقية من سور مدينة دمشق القديمة، وهو المدخل الرئيسي إلى حي “الشارع المستقيم” و”الحي المسيحي الدمشقي”، وعلى امتداد الطريق المؤدي إلى حي باب توما وحي القصاع.
يُعد موقع الباب استراتيجيًا، إذ شكّل عبر العصور نقطة ربط بين دمشق الداخلية والطرق التجارية التي كانت تؤدي إلى البادية السورية، ومن ثم إلى العراق وفارس شرقًا.

لمحة تاريخية
الأصل الروماني:
شُيّد الباب في القرن الأول الميلادي خلال فترة الحكم الروماني لدمشق، وكان يُعرف آنذاك باسم الباب الشرقي (Eastern Gate), ويتميّز بتصميم ثلاثي:
- بوابة كبيرة في الوسط للعربات والخيول
- بوابتان جانبيتان للمشاة
ويُعتبر الباب الوحيد من أبواب دمشق الذي ما زال يحتفظ بشكله الروماني الأصلي، مما يجعله تحفة أثرية نادرة.
خلال العصور البيزنطية والإسلامية:
تم الحفاظ على الباب كمعبر رئيسي، ومع دخول العرب المسلمين إلى دمشق عام 635م بقي الباب كما هو، مع بعض الإضافات الدفاعية التي تمت في العهد الأيوبي.

الأهمية الثقافية والدينية
نقطة عبور تاريخية: تقول الروايات إن بولس الرسول دخل دمشق عبر باب شرقي بعد تحوّله إلى المسيحية، ليبدأ رحلته التبشيرية من هذه النقطة.
الشارع المستقيم: يمتد من باب شرقي إلى باب الجابية، وكان يُسمى “فيّا ريكتا” عند الرومان، ويُعد أقدم شارع مأهول حتى اليوم.
الحارات المسيحية: المنطقة التي تلي الحي وهي حارات مليئة بالكنائس القديمة، مثل:
- كنيسة القديس بولس
- كنيسة الصليب المقدس
- كنيسة القديس أنطونيوس

باب شرقي والسياحة في دمشق
يشكّل هذا الحي نقطة انطلاق مفضّلة للسياح الذين يودّون استكشاف المدينة القديمة سيرًا على الأقدام. بمجرد دخولك من هذا الباب، تبدأ رحلة سحرية في واحد من أقدم الأحياء في العالم.
أبرز المعالم في الحي:
- الشارع المستقيم: بمقاهيه التقليدية ومحلاته الصغيرة.
- البيوت الدمشقية القديمة: التي تم تحويل بعضها إلى فنادق بوتيكية أو مطاعم تراثية.
- محلات التحف والفن الشرقي.
- المعارض الفنية والمقاهي الثقافية التي تعجّ بالحياة مساءً.
ماذا يمكنك أن تفعل عند باب شرقي؟

- التقاط صور أمام الباب الروماني الثلاثي.
- التجول في الشارع المستقيم والتوقف عند الكنائس والمنازل الدمشقية.
- تناول فنجان قهوة في أحد المقاهي التراثية داخل بيوت دمشقية قديمة.
- زيارة معارض فنية ومتاحف صغيرة في المنطقة.
- الاستمتاع بالحفلات الموسيقية الصغيرة والفعاليات الثقافية التي تقام أحيانًا في المساء.
افضل اوقات الزيارة
الربيع والخريف: الطقس المعتدل يجعل التجول في الشوارع القديمة ممتعًا ومريحًا.
المساءات الصيفية: حيث تنبض الحياة في المقاهي والممرات تحت الإضاءة الذهبية.
مواسم الأعياد: خصوصًا الأعياد المسيحية حيث تزين الشوارع بالأضواء وتقام الفعاليات الاحتفالية.
باب شرقي ليس مجرد بوابة حجرية، بل هو مفتاح لفهم دمشق الحقيقية، المدينة التي عاشت آلاف السنين دون أن تفقد نبضها.
هنا تبدأ الحكاية… من باب شرقي، حيث دخل الرومان، ومرّ بولس، واستراح القوافل، وها هم الزوار اليوم يواصلون رحلتهم لاكتشاف أعظم مدينة مأهولة في التاريخ.
في باب شرقي… أنت لا تعبر المكان، بل يعبرك الزمن.