باب توما : بوابة التاريخ والحضارة إلى قلب دمشق القديمة

في دمشق، المدينة التي لا تشيخ، وبين أزقتها الضيقة العابقة بالتاريخ، يقف باب توما شامخًا كأحد أشهر أبواب سور المدينة القديمة، وشاهدًا حيًا على التنوع الديني والثقافي والإنساني الذي لطالما تميزت به العاصمة السورية.

باب توما ليس مجرد معبر حجري، بل هو حيٌّ نابضٌ بالحياة، تتقاطع فيه الحكايات القديمة مع نغمات الموسيقى في المقاهي الحديثة، ويجتمع فيه سحر الشرق مع بصمة الغرب في مشهد فريد لا يُشبه أي مكان آخر، وبعتبر هذا الحي الدمشقي العريق من اشهر معالم السياحة في دمشق.

 اين يقع باب توما؟

يقع في الجهة الشمالية الشرقية من دمشق القديمة، وهو أحد الأبواب السبعة التاريخية لسور المدينة، ويُعتبر مدخلًا رئيسيًا إلى الأحياء المسيحية العريقة مثل:

  • حي باب توما
  • حي القصاع
  • حي الشارع المستقيم (الذي يُعرف بأنه أحد أقدم الشوارع المأهولة في العالم)

يرتبط باب توما أيضًا بسوق الحميدية، وسوق البزورية، والجامع الأموي، وجميعها يمكن الوصول إليها سيرًا على الأقدام عبر الأزقة الدمشقية القديمة.

لمحة تاريخية
أصول رومانية – بيزنطية
يرجع أصل باب توما إلى الحقبة الرومانية، وقد سُمّي باسم القديس توما الرسول، أحد تلاميذ السيد المسيح، الذي يُقال إنه مرّ من هذا الباب في طريقه للتبشير في الشرق.

العصر الإسلامي

احتفظ الباب باسمه بعد دخول المسلمين إلى دمشق عام 635م، في دلالة واضحة على روح التسامح الديني التي عُرفت بها المدينة عبر العصور.

تم تجديد الباب أكثر من مرة خلال العصرين الأيوبي والمملوكي، مع الحفاظ على الطابع الأصلي للحجارة والزخارف.

الأهمية التاريخية والدينية

رمز للتعدد الثقافي والديني: لطالما شكّل هذا الحي العريق معقلًا للطائفة المسيحية في دمشق،

ويضم عددًا من الكنائس التاريخية مثل:

  • كاتدرائية مار توما للسريان الأرثوذكس
  • كنيسة القديس بولس التي يُقال إن بولس الرسول هرب من المدينة عبر نافذة فيها.

موقع أثري فريد: ما زال يحتفظ ببوابته القديمة، التي أُعيد بناؤها بالحجارة البازلتية السوداء، ويعلوها برج دفاعي وممرات حراسة.

مرور شخصيات تاريخية: على مر العصور، عبر من هذا الباب فلاسفة، شعراء، قادة، وحجاج، تاركين أثرًا لا يُنسى في ذاكرة المكان.

باب توما والسياحة في دمشق

يُعتبر هذا الحي العريق اليوم من أجمل الوجهات السياحية والثقافية في دمشق، ويقصده الزوار من جميع أنحاء العالم. يتميز الحي بمزيج فريد من:

  • العمارة الدمشقية الأصيلة: منازل ذات أفنية داخلية، نوافذ خشبية، وأبواب مزينة بالنحاس.
  • المقاهي والمطاعم: أشهرها “مقهى النوفرة”، “بيت التراث الدمشقي”، وغيرها من المقاهي التي تُقدم المأكولات الشامية والموسيقى الحية.
  • الأسواق الصغيرة: لمحبي الحرف اليدوية، والتحف، والكتب القديمة.
  • الفنادق البوتيكية: بيوت عربية قديمة تم تحويلها إلى فنادق فاخرة بروح تراثية.

زيارة هذا الحي لا تكتمل دون السير في أزقته الضيقة، حيث تجد الجداريات الفنية، والزهور المعلقة على الشرفات، وسكان الحي الذين ما زالوا يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم.

ماذا يمكن أن تفعل في باب توما؟

  • التقاط صور مذهلة عند البوابة الأثرية
  • زيارة الكنائس القديمة والتعرف على تاريخها
  • تناول وجبة شامية تقليدية في أحد البيوت الدمشقية القديمة
  • حضور عروض موسيقية حية في المساء
  • شراء تذكارات من البازارات والمحلات الصغيرة

أفضل أوقات الزيارة

الربيع والخريف: درجات حرارة معتدلة، وأجواء زاهية.

المساءات الصيفية: عندما تنبض المقاهي بالحياة والموسيقى.

موسم الأعياد المسيحية (عيد الميلاد، الفصح): حيث تكتسي الحارات بالزينة، وتُقام الفعاليات الدينية والثقافية.

يفضّل ارتداء أحذية مريحة بسبب طبيعة الأزقة الحجرية الضيقة.

باب توما ليس مجرد بوابة، بل صفحة حيّة من تاريخ دمشق، تروي قصة حضارة لا تزال تنبض بالحياة رغم تقلبات الزمن. في هذا الحي العريق، تتصافح الأديان، وتتلاقى الثقافات، ويشعر الزائر وكأنه يسير في متحف مفتوح، حيث كل حجر له حكاية، وكل نافذة تروي قصة.

إذا زرت دمشق، لا تفوّت فرصة أن تمرّ عبر باب توما… فقد تمرّ حيث مرّ القديس توما، وتسمع صوت المدينة كما لم تسمعه من قبل.

مشاركة المقال!